د. ساعاتي: الاتحاد تجاهل رغبة الجعيد.. والأزهر نقله من الثغر

دار جدل تاريخي وخلاف إعلامي واسع في فترة ماضية حول اسم أول كابتن للمنتخب السعودي الأول في أولى مشاركاته على المستوى الخارجي التي كانت بالدورة العربية الثانية في لبنان عام 1377هـ - 1957م ، وانقسمت تلك الآراء ما بين فئة تؤكد أنه كابتن الثغر والوحدة الأسبق عبدالرحمن الجعيد - رحمه الله - والفئة الأخرى تقول إن قائد الاتحاد عبدالمجيد كيال - رحمه الله - كان أول كابتن للمنتخب في مشاركته الرسمية الأولى قبل 66 عاماً.

ومن خلال بحثي كمهتم بالتاريخ الرياضي السعودي لم أجد في سجلات اتحاد الكرة ولا حتى في موقعه الرسمي ما يشير رسمياً لاسم أول كابتن للمنتخب السعودي الأول لتبقى الحقيقة - الرسمية - مجهولة.. تائهة في غياهب النسيان مما دفعني للبحث عن مصادر أولية معاصرة لعلي أجد لديها إجابة شافية على ذلك السؤال، ولم أجد أفضل من عميد المؤرخين د. أمين ساعاتي - متعه الله بالصحة والعمر المديد - الذي عاصر تلك الحقبة لاعباً في صفوف نادي الاتحاد ومن ثم تفرغ بعد اعتزاله اللعب لتوثيق مسيرة الحركة الرياضية السعودية والالتقاء بروادها ورموزها وكتابة تاريخها بجانب متابعة أحداثها ورصدها في أكثر من مؤلف كان أبرزها موسوعته الرياضية العملاقة في سبعة أجزاء.

الحقيقة غائبة بين الأسماء الثلاثة

طرحت سؤالي على عميد المؤرخين وفوجئت أن لديه ثلاثة أسماء رجح آخرها كأول قائد رسمي في تاريخ المنتخب السعودي الأول وبدأ د. ساعاتي حديثه لـ (الرياض) قائلاً:

«الاسم الأول عبدالرحمن الجعيد كان ضابطاً في سلاح المظلات وفيه تعلم وزاول كرة القدم وبرز كلاعب في النصف الثاني من السبعينات الهجرية وحينما أراد الانضمام إلى الأندية اختار الثغر .. (الأهلي في ذلك التاريخ) وكانت تربطني به علاقة بحكم أننا كنا لاعبين واجتمعنا مع بعض وعبدالرحمن كان نجما مبدعا ولاعبا ممتازا يتمتع بصفات قيادية وعلى درجة عالية من الأخلاق وتألق في منطقة الظهر كقلب دفاع.

الاتحاد يتجاهل رغبة الجعيد

ثم أبدى رغبته في الانتقال لنادي الاتحاد وقال لي شخصياً إنه اتصل برئيس الاتحاد عبدالرزاق متبولي وأخبره برغبته في الانتقال مستغلاً الفترة الحرة ورد عليه المتبولي بالموافقة مشترطاً عرض الموضوع على مجلس إدارة النادي ويبدو لي أن أعضاء المجلس درسوا طلب الجعيد ورأوا أن الفريق يمتلك خط دفاع متكامل وبالتالي لم يتحمسوا في الموافقة وذكر لي عبدالرحمن أنه انتظر الرد على مدى أربعة أيام ولم يتلقَ الإجابة.

(الأزهر) ينقله من الثغر

في نفس الوقت اتصل به الوحداويون وعرضوا عليه رغبتهم في انضمامه لصفوفهم وحين تيقن من تأخر رد الاتحاديين اتصل الجعيد بالعم كامل أزهر - رئيس الوحدة آنذاك - مبدياً موافقته على ارتداء شعار الوحدة عام 1379هـ وتم الانتقال ولعب مباريات مهمة من أبرزها قيادة الوحدة بنهائي كأس الملك أمام الهلال في الرياض عام 1381هـ التي خسرها الوحدة (2/3) وسجل فيها الجعيد هدفاً تاريخياً بقذيفة صاروخية من منتصف الملعب تقريباً في شباك الحارس الهلالي ناصر بن موزان - رحمه الله -.

وعندما شارك المنتخب السعودي في الدورة العربية الثانية في بيروت 1957م ضم في صفوفه عبدالرحمن الجعيد وعبدالمجيد كيال ولم يكن الكابتن عبدالرحمن قائداً لهذا المنتخب ولكنه مثل زملاءه في أخذ القرعة.

عبدالمجيد كيال يؤكد أنه الكابتن

في المقابل قال لي عبدالمجيد كيال إنه كان الكابتن وليس الجعيد ومثل زملاءه أيضاً في أخذ القرعة وسألته: هل لديك وثيقة بهذا التكليف من الجهة المسؤولة؟ (التي كانت الإدارة العامة للرياضة والتربية البدنية التابعة لوزارة الداخلية آنذاك) فأجابني: لا ليس لدي وثيقة بذلك، ونفس السؤال وجهته للجعيد فأجابني أنه هو الكابتن وليس الكيال وأضاف أنه لا يملك وثيقة بذلك.

ويبدو لي أنهما لم يفرقا بين ممثل المنتخب في أخذ القرعة وبين القائد في الملعب وحتى خارج الملعب، ولهذا لا أعتبر أي منهما أول كابتن للمنتخب بدليل أن المباراة التالية ذهب لاعب آخر لإجراء القرعة.

عبدالله الفيصل يكلف عبدالماجد

في يوم من الأيام كنت مع مجموعة من قدامى لاعبي الأهلي والاتحاد والهلال البحري في زيارة للنجم السابق عبدالله عبدالماجد - رحمه الله - وهو على فراش المرض وكان كابتنا لنادي الثغر (الأهلي حالياً) ويتمتع بسمعة ممتازة وهو من الأشقاء الذين جاؤوا من السودان أوائل السبعينات الهجرية وارتدى شعار المنتخب السعودي في دورة لبنان وبعد اعتزاله تعين مدرباً للأهلي لفترة طويلة وحقق مع رفيق دربه المدرب أحمد اليافعي أكثر من بطولة لكأس الملك وولي العهد.

وتطرقنا في الزيارة إلى موضوع قيادة المنتخب في مشاركته الرسمية الأولى وسألته: من كان الكابتن في تلك الدورة؟ فأجابني: أنه هو من كان كابتن المنتخب في تلك المشاركة، وسألته مرة أخرى: هل عندك وثيقة تؤكد ذلك؟ فرد قائلاً بالحرف الواحد: نعم وثيقتي صدرت من لسان رائد الرياضة الأول الأمير عبدالله الفيصل - رحمه الله - إذ قال لي ونحن نستعد للسفر إلى بيروت عام 1377هـ: (أنت مسؤول عن المنتخب وتجي تبلغنا هنا عن كل التطورات التي تحدث حتى نضمن أن يكون أول تمثيل رسمي لائق وفي مستوى الحدث).

لا الجعيد ولا الكيال.. الكابتن.

قلت له: لكن الجعيد والكيال يقولان أن كلاً منهما هو الكابتن؟ فأجاب عبدالماجد: لا ما فيه هذا الكلام أبداً أنا كنت الكابتن.

وبالمناسبة بعدما أحيل على التقاعد أصبح عبدالله عبدالماجد السائق الخاص للأمير عبدالله الفيصل - رحمهما الله - وهذه هي القصة الكاملة للكباتن الثلاثة في قضية أول قائد للمنتخب السعودي.

د. ساعاتي: عبدالماجد الأحق بالقيادة

ويضيف عميد المؤرخين د. أمين ساعاتي في حديثه لـ (الرياض): «من وجهة نظري الشخصية أرى أن كلام الكابتن عبدالله عبدالماجد هو الأكثر ترجيحاً بين الثلاثة لأنني شخصياً وكثير من قدامى الرياضيين يعرفون حجم العلاقة الوطيدة التي كانت تربط عبدالماجد بالأمير عبدالله الفيصل.

تفكيك الثغر وعودة الهلال

وذكر د. أمين في ختام حديثه أنه بعد ثلاث سنوات من مشاركة المنتخب في الدورة العربية الثانية 1957م تقرر إعادة النادي الأهلي من جديد وإلغاء نادي الثغر وأضاف قائلاً: كانت هذه نقطة تحولا كبيرا في تاريخ الثغر بانضمام عدد كبير من لاعبيه للأهلي بجانب عدد قليل منهم انفصلوا عنه ولم ينضموا للأهلي لماذا؟

لأن الجهة المسؤولة قررت في الوقت ذاته إعادة نادي اسمه «الهلال البحري» وهو ما ساهم في انضمام المتبقي من مجموعة لاعبي الثغر لصفوف الهلال بجانب لاعبيه القدامى الذين أعادوا ارتداء شعار الهلال البحري.

عميد المؤرخين د. أمين ساعاتي في حديثه لـ (الرياض)
رائد الرياضة الأمير عبدالله الفيصل - رحمه الله - (أرشيف الأمير تركي عبدالله الفيصل)
أفراد أول منتخب سعودي في مشاركته الأولى بلبنان 1957م
كامل أزهر - رحمه الله - نقل الجعيد للوحدة عام 1379هـ
عبدالرحمن الجعيد - رحمه الله - كابتن الثغر والوحدة
عبدالله عبدالماجد - رحمه الله - أول كابتن للمنتخب السعودي الأول 1377هـ