دوّن لاعب الهلال الأسبق سلطان راجح الراجح (1363- 1443هـ) الملقب بـ(سمارا) اسمه بمسيرة الفرقة الهلالية الذهبية في النصف الأول من حقبة الثمانينات الهجرية -الستينات الميلادية- وهي الفترة التي شهدت نجاحات كروية وإنجازات مبكرة في مسيرة الهلال التأسيسية وباهرة لفريقه الأول الذي وصل نهائي كأس الملك ثلاث مرات بجانب نهائي كأس ولي العهد خلال أول سبع سنوات من عمر النادي حصد فيها كأس الملك مرتين وتوج بكاس ولي العهد مع إحداها في موسم واحد عام 1384هـ. وكان (سمارا) الذي توفي مطلع الشهر الماضي -رحمه الله- أحد النجوم التي لمعت مع الهلال في عصره الذهبي الأول.
هلالي قبل التسجيل الرسمي
التحق سلطان الراجح بالهلال عام 1379هـ في سن الـ16 من عمره قبل التسجيل الرسمي للنادي ومثله بدرجاته الثلاث إلى أن وصل الفريق الأول وكانت بداية مزاولته كرة القدم عام 1376هـ في حي (معكال) مع أبناء حارته إبراهيم النشوان وعبدالعزيز الجمعان وبريكان البريكان ومحمد بن نصبان وكان فريقهم يسمى (الاعتماد) وبعد ثلاث سنوات انتقلت تلك الأسماء لفريق نمور الهلال شمال حي الظهيرة وانضم معظمهم اإلى صفوف الهلال عن طريق مؤسسه الشيخ عبدالرحمن بن سعيد رحمه الله.
قصة لقب (سمارا)
لعب (سلطان) في منطقة الوسط ولقبه مؤسس الهلال بـ(سمارا) لتشابه أدائه مع نجم سوداني يحمل نفس اللقب كان يلعب في الثغر بجدة (الأهلي حالياً) في السبعينات الهجرية.
وتدرب (سمارا) على يد المدرب السوداني السرسالم ثم حسن سلطان والتوم جبارة -رحمهم الله- ونقله المدرب سلطان للفريق الأول برغم صغر سنه لإجادته اللعب بكلتا قدميه وتنفيذه مهام الرقابة اللصيقة وكان بارعاً بأدواره الدفاعية.
(شق الفنيلة يا مبارك)
ويتذكر الجمهور الهلالي القديم المقولة التاريخية (شق الفنيلة يا مبارك) وكان لسمارا ارتباط وثيق بهذه المقولة يجهله الكثير إذ قيلت أول مرة أثناء مباراة بين الهلال والاتحاد في دورة المصيف بالطائف منتصف الثمانينات الهجرية حين كلف مدرب الهلال سمارا بمراقبة نجم الاتحاد الأول سعيد غراب وطلب منه ملازمته كظله للحد من خطورته الهجومية ونفذ سمارا تعليمات مدربه بحذافيرها وأثناء المباراة أصيب الغراب ونقل للعلاج خارج الملعب فخرج معه سمارا ووقف بجانب الغراب ولمحه قائد الهلال وعقله المدبر مبارك عبدالكريم -رحمه الله- فصرخ بأعلى صوته: (ارجع للملعب يا سمارا).
لكنه رفض الانصياع لطلب كابتنه قائلاً: «أنا ملتزم بتعليمات المدرب بمراقبة الغراب كظله وسأدخل معه إذا استكمل علاجه». فاستشاط مبارك غضباً ومزق قميصه من شدة غيضه لرفض زميله العودة للملعب.
ليعلو صوت مدرج جمهور الاتحاد مردداً: (شق الفنيلة يا مبارك) لكنها استمرت بعد ذلك مقولة تاريخية جميلة انتقلت إلى مدرج جمهور الهلال الذي كان يرددها اعتزازاً باسم ودور قائده الأسطورة مبارك عبدالكريم -رحمه الله- في رفع معنويات وحماس زملائه بمبارياتهم.
فرحة الكأسين تاريخية
عاش سلطان الراجح فرحة فوز الهلال بأول بطولة في تاريخه عام 1381هـ وكان لا يزال يلعب مع أشبال وشباب النادي لكنه استطاع بتطور مستواه الوصول للفريق الأول وتمثيله في مباريات موسم 1383هـ ثم 1384هـ بكفاءة عالية وهو الموسم الذي جمع فريقه فيه اللقبين معا.
أغلى هدية..(دباب)
استمر سمارا في الملاعب حتى نهاية موسم 1387هـ وكانت أول مباراة رسمية له مع الفريق الأول ضد الشباب بداية موسم 1382هـ وانتهت لصالح الهلال 4/0 ونظراً لبروزه في تلك المباراة برغم صغر سنه وتألقه أمام نجوم الشباب كافأه رئيس النادي عبدالرحمن بن سعيد بدراجة نارية (دباب) الذي كان امتلاكه حلم لاعبي تلك الحقبة.
مواقف «ابن سعيد» الداعمة لا تنسى
ويدين سلطان الراجح لمؤسس الهلال بالكثير من المواقف الداعمة والأيادي البيضاء على بعض اللاعبين تقديراً لظروفهم الصعبة إذ كان يخصص لهم مكافأة شهرية ثابته بمبلغ 120 ريالاً.
وذكر سمارا في حديث معه قبل سنوات أن الشيخ عبدالرحمن بن سعيد كان يدعم النادي من جيبه قائلاً: «كانت حالتنا المادية تسير بالبركة ولم يكن هناك في الأصل أعضاء شرف ينفقون على النادي في تلك الفترة».
من معكال إلى الظهيرة على الأقدام
ويضيف -رحمه الله- كنا نأتي سيراً على الأقدام للتمارين من حي معكال جنوب الرياض إلى مقر النادي بحي الظهيرة ونستقل وانيت النادي موديل 1956م الذي كان سائقه العم أبو حسين النصير.
وحين نستعرض تاريخ هذا النجم الراحل نذكر بفخر واعتزاز أنه كان أحد نجوم الهلال في عصره الذهبي الأول عندما توج بكأس الملك للمرة الثانية أمام عميد الأندية السعودية -الاتحاد- في ملعب الصائغ بالرياض وانتزع كاس سمو ولي العهد لأول مرة في تاريخ ناديه على حساب فرسان مكة -الوحدة- في ملعب الصبان بجدة وكان سمارا أصغر لاعب في مجموعة هلال 1384هـ تميز أداؤه بالمراوغة والمجهود الوافر في منطقة الوسط فضلاً عن إجادته الأدوار الدفاعية والرقابة الفردية.
التعزية آخر لمسة وفاء!
رحم الله نجم الهلال الخلوق سلطان الراجح وأسكنه فسيح جناته لكن المؤسف أن هذا اللاعب رحل بصمت دون أن ينعاه ناديه في موقعه الرسمي ويواسي أبناءه بتعزية باسم إدارة النادي لأسرة لاعبهم القديم فالتعزية في رأيي تمثل آخر لمسة وفاء من النادي لقدامى رياضييه!!







التعليقات