بعد أربع سنوات من التقاضي والترافع، أسدل القضاء الباكستاني، الستار على قضية مريم شريف ابنة رئيس الوزراء السابق نواز شريف بتبرئتها، وزوجها الكابتن محمد سافدار من القضية المرفوعة عليها بتملك شقق فاخرة في لندن، من خلال الكسب غير المشروع، وهي التهم التي وجهت إليها ووالدها شريف في يوليو عام 2018 حيث حكمت المحكمة بسجنها سبع سنوات فيما حكمت المحكمة على زوجها بالسجن لمدة سنة واحدة.
التهم سياسية
وأجمعت مصادر سياسية وقانونية لـ"الرياض" أنه بإعلان المحكمة تبرئة ابنة رئيس الوزراء السابق والتي تتقلد أيضاً منصب نائب رئيس الرابطة الإسلامية الباكستانية، يمكنها الترشح للانتخابات الباكستانية والتي من المفترض أن تعقد في نوفمبر العام المقبل.
وقالت مريم نواز شريف في تصريحات لـ"الرياض": إن التهم التي وجهت لها كانت سياسية، وليس لها أي معطيات قانونية، مؤكدة أنها اعتمدت على الإرادة الإلهية التي أنصفتها بفضل من الله أمام الشعب الباكستاني، الذي كان يعلم حقائق تسييس قضيتي بهدف الانتقام من والدي نواز شريف.
عمران ليس كفئاً
وانتقدت مريم، عمران خان على "عدم كفاءته"، وفق تعبيرها، وحمّلته مسؤولية تراجع قيمة العملة الباكستانية مقابل الدولار.
ويؤكد المراقبون أن ابنة رئيس الوزراء السابق لن تفوز في الانتخابات القادمة فحسب، لشعبيتها في الشارع الباكستاني، بل ستتقلد منصباً وزارياً رفيعاً في حال فوز حزب الرابطة الإسلامية في الانتخابات القادمة، خصوصاً أن نواز شريف يراهن على ابنته مريم على أن تكون خليفته لرئاسة الحزب، فضلاً عن لعبها أدواراً سياسية قوية في الشأن الداخلي والخارجي كونها مهندسة القرار السياسي في أسرة شريف وتعكف حالياً لإعادة ترتيب البيت السياسي للأسرة من الداخل لمواجهة تداعيات قرارات المحكمة. وحُكم على نواز شريف بالسجن 10 سنوات، لكن أُطلق سراحه بكفالة في عام 2019 لتلقي العلاج الطبي، وذهب من أجله إلى المملكة المتحدة ولم يعد منذ ذلك الحين، فيما أكدت مصادر قريبة من أسرة شريف لـ"الرياض" أن نواز شريف طلب استشارات من فريقه القانوني لترتيب عودته إلى باكستان ومواجهة التهم ضده أمام المحاكم.
عودة شريف
ولم تستبعد ذات المصادر أن يعود نواز شريف إلى باكستان قبيل نهاية العام الحالي، خصوصاً أن المحكمة ألمحت في قرارها بحق مريم، لعدم وجود أدلة ضد نواز شريف حول القضايا الموجهة ضده.
وكان القضاء الباكستاني قد أمر بإجراء تحقيقات بحق نواز شريف وعائلته بعد نشر وثائق تابعة لإحدى شركات بنما عام 2016، حيث زعمت هذه الوثائق أن نجلي شريف وابنته كانوا يملكون 3 شركات «أوف شور» على الأقل، مسجلة في جزر العذراء.
وفي أبريل الماضي، قررت لجنة المحكمة العليا المكونة من خمسة قضاة تشكيل لجنة تحقيق موحدة للنظر في القضية.
وفقد شريف منصب رئيس الوزراء للمرة الثالثة، إذ جرى قطع ولايته الأولى في عام 1993، عندما أقال الرئيس إسحاق خان حكومة شريف بتهمة الفساد وقتل خصوم سياسيين، ليتم بعد ذلك حل البرلمان وتشكيل حكومة انتقالية، وبعد 6 أشهر صدر قرار لصالح شريف من المحكمة العليا، لكن الأخير توصل إلى اتفاق سياسي مع الرئيس، إذ استقال الاثنان من منصبيهما وأجريت انتخابات جديدة، وفي عام 1999 بعد محاولة شريف إقالة قائد الجيش برويز مشرف، نفذ الأخير انقلاباً على رئيس الوزراء. وفي عام 2016 أقالت المحكمة شريف من منصبه للمرة الثالثة حُكم عليه بالسجن 10 سنوات، وانتقل للعيش في منفى اختياري في لندن منذ عام 2019 بعد الإفراج عنه بكفالة في الخارج لتلقي العلاج. ومن ضمن الشخصيات التي تمت إقالتها من منصبها وزير المالية إسحاق دار، الذي فقد منصبه بسبب قرار المحكمة في نفس الاتهامات. ويعتبر دار الذي عاد من لندن إلى باكستان الأسبوع الماضي بعد خمس سنوات، صهر رئيس الوزراء شريف. كما أن دار من الشخصيات الأكثر نفوذاً في حكومة شريف، لاسيما بفضل جهوده الرامية لتعزيز الاقتصاد الوطني بعد أزمة مالية ضربت البلاد عام 2013. وفور عودته تقلد دار منصب وزير الاقتصاد في الحكومة وأدى اليمين في مجلس الشيوخ كون عضويته لم تسقط طوال تلك الفترة ويتوقع المراقبون أن الاقتصاد الباكستاني سيتجه نحو الاستقرار تدريجياً بفضل التجربة التراكمية الاقتصادية التي يمتلكها في إدارة الأزمات الاقتصادية التي مرت بها باكستان إبان حكم نواز شريف.
المعارضة تنتقد
وانتقد زعماء حزب حركة إنصاف الباكستاني المعارض قرار تبرئة مريم شريف، ووصف وزير الإعلام الأسبق فؤاد شودري، في تغريدة على تويتر، قرار الخميس بأنه "يوم أسود".
وكانت المحكمة فتحت تحقيقات أوسع وأكثر عمقًا حول اتهامات لعائلة نواز شريف بامتلاك ثروة من مصادر غير مشروعة تحدثت عنها "وثائق بنما" والتي اتضحت لاحقاً أنها غير صحيحة.
التعليقات