تشكّل السياحة إحدى أهم الصناعات الدولية التي توليها الدول جلّ اهتمامها؛ باعتبارها رافداً اقتصادياً مهمّاً للدخل القومي، وترتبط بمنظومة متكاملة من الأنشطة التي ترتبط بالكيان الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والحضاري للمجتمع؛ كما يعدّها علماء المُستقبليّات صناعة المستقبل ونفط القرن 21؛ من هنا نرى أهمية ما تقدمه دولتنا من اهتمام بتعزيز هذا القطاع وتطويره ورفع إسهامه في الناتج الإجمالي المحلي.
وما تَقدُّم المملكة في مؤشري منظمة السياحة العالمية لعدد السياح الدوليين وإيرادات السياحة الدولية لعام 2022؛ إلاّ تتويج لهذه الرؤية الحصيفة والتفكير الابتكاري والإصلاحات الاقتصادية والمالية والهيكلية منذ إطلاق رؤية السعودية 2030، والتي أسست نظاماً اقتصادياً جديداً يهدف للوصول إلى اقتصاد متنوع وقوي يحقق نمواً مستداماً للمملكة.
ولأنّ السياحة في المملكة ترتكز على مقومات عظيمة من أهمها الاستقرار والأمن اللذين يجعلان منها مقصداً للعالم بأسره؛ فضلاً عن المزايا التي تنفرد بها مملكتنا من موقعها في قلب العالمين الإسلامي والعربي، وموقعها الاستراتيجي في قلب ثلاث قارات، أهّلها لأن تكون طريقاً تجارياً تاريخياً وحيوياً وذا أهمية واسعة يربط بين الشرق والغرب، إضافة إلى المعالم الطبيعية والتراثية الفريدة والتاريخية التي بقيت شامخة على مر القرون.
اليوم السياحة لم يقتصر دورها على العائد الاقتصادي أو الثقافي والحضاري، وأنها باتت وسيلة للتواصل الفكري والثقافي والإنساني مع شعوب العالم؛ وإنما هي رافد مهم ومُشارك في حل أزمة البطالة ورفع المستوى المهني للموارد البشرية التي تقوم بالأعمال السياحية المختلفة.
ولعل اطلاعاً سريعاً على لغة الأرقام التي أظهرها المؤشر في تقرير منظمة السياحة العالمية يبرهن على أن السياحة لدينا تدار باحترافية ودقة وجودة وتطبيق أعلى المعايير والمواصفات الدولية في تقديم الخدمات والتعامل مع السياح والزوار الذين يشكّلون طيفاً واسعاً من مختلف الثقافات والشعوب.
ومن المبهج أن تحقيق المملكة المركز 13 في 2022 مقارنة بالمركز 25 في 2019، بقفزة 12 مركزاً في ترتيب الدول الأكثر استقبالاً للسياح الدوليين وفق التقرير الصادر عن منظمة السياحة العالمية، نتيجة لتسهيل إجراءات التأشيرات وتنوع الخيارات السياحية المدعوم بمشروعات رؤية 2030؛ كذلك تحقيق المملكة المركز 11 عالمياً في عام 2022 في مؤشر إيرادات السياحة الدولية مقارنة بالمركز 27 في 2019م يظهر مدى الجهود المبذولة من القطاعات كافة، والدعم اللامحدود من سمو ولي العهد -حفظه الله- للسياحة السعودية، ويأتي هذا التقدم محققاً للوعود والمستهدفات؛ وتحقيق المملكة المركز الثاني عالمياً في نسبة نمو عدد السياح الدوليين للربع الأول من عام 2023م، والأعلى أداء ربعي بنسبة نمو 64 % مقارنة بالمدة نفسها من 2019، جاء نتيجة لاستقبال المملكة نحو 7.8 ملايين سائح دولي لجميع الأغراض خلال الربع الأول من 2023م.
كما تأتي الجهود المبذولة من القطاعين الحكومي والخاص وتعاضدهما مُمكّناً فاعلاً لوضع بلادنا على خريطة السياحة العالمية بشكل يدعو للفخر والاعتزاز؛ كما أنه رسالة جلية بأن المملكة موطن السلام والأمن وتلاقح الثقافات وتواصل الشعوب والحضارات.
التعليقات