عالمة النفس (كيلي ماكغونيغال) اعتادت على شيطنة التوتر.. فقد كانت تحذر من أن التوتر يزيد خطر الإصابة بالمزيد من الأمراض المهددة للحياة، ثم غيرت الأبحاث رأيها، واستكشفت من خلال حديثها على منصة تيد بعنوان "كيف تجعل التوتر صديقك" اكتشافًا مذهلًا من خلال بحوثها بأنه قد يكون للتوتر عواقب صحية سلبية فقط إذا كنا "نعتقد" أنه سيكون كذلك.. وإشارة إلى أنه بدلاً من الخوف من التوتر كن صديقًا له.
تشير (ماكغونيغال) إلى دراسة أجراها باحثون في جامعة ويسكنسن، حيث نظر الباحثون في بيانات من استطلاع عام 1998 أجراه المركز الوطني للإحصاءات الصحية والذي طرح أسئلة محددة حول مستويات التوتر وإدارة الإجهاد والتصورات حول كيفية تأثير الإجهاد على الصحة، واستخدموا عينة من نحو 29000 مشارك من الاستطلاع تطابقوا مع السجلات العامة، ثم نظروا في حالات الوفاة بين المشاركين في الاستطلاع خلال عام 2006. بشكل عام، وجدوا أن المشاركين في الاستطلاع الذين أبلغوا عن الكثير من التوتر والتصور بأن التوتر قد يحدث تأثيراً كبيراً على الصحة كانت نسبتهم 43 ٪، وكانوا أكثر زيادة لخطر الوفاة المبكرة، بينما المشاركون في الاستطلاع الذين أبلغوا عن الكثير من الإجهاد ولكن لديهم تصور قليل أو معدوم أن الإجهاد يؤثر على الصحة كان لديهم أقل نسبة خطر من أي مجموعة في المسح، وأيضاً الذين لم يشعروا بأي إجهاد.
اليوم وفي هذا السياق كانت هناك الكثير من الدراسات التي تؤكد أيضاً على أن بعض كميات التوتر جيدة لدفعنا إلى مستوى اليقظة والأداء السلوكي والمعرفي الأمثل، كما أن الأحداث المجهدة المتقطعة هي على الأرجح ما تجعل الدماغ أكثر يقظة، ويكون أداؤه أفضل عندما عندما نكون متيقظين.
اليوم التوتر أمر شخصي للغاية، فما يضغط على شخص ما قد لا يهم شخصاً آخر، بغض النظر عما إذا كان عامل التوتر هو ضغط العمل أو الخوف من التحدث أمام الآخرين.. ففي كل الحالات تكون استجابة الجسم هي نفسها، ترتفع مستويات النواقل العصبية نورأدرينالين والأدرينالين وهرمون التوتر الكورتيزول ويضيق التنفس وتزيد معدل ضربات القلب والكثير من الأعراض البدنية ذات العلاقة.. وتختلف ردة الفعل لدى بعض الناس من غيرهم، وقد يتأثر بتركيبتنا الجينية، وأيضًا بعوامل خارجية مثل تربيتنا، ومن هذا المنطلق لا ينبغي لنا تشويه صورة التوتر فكمية معتدلة من التوتر تجعل الحياة مثيرة والمبالغة في الاسترخاء طوال الوقت يكون مملًا ولا يجعلنا نكتشف الإثارة في الحياة.
اليوم كما يبدو وكما أكدته الأبحاث يجب أن نغير إدراكنا تجاة الموترات الحياتية وأن نفسرها بطريقة مختلفة لنكتشف الفرص والفوائد منها وأن نعدها فرصة لاكتشاف المزيد من الحياة وبالتالي يمكننا أن نوظف التوتر بطريقة مختلفة تعود بالنفع على أجسامنا ونفسياتنا وعلاقاتنا الاجتماعية.
التعليقات