اليوم، على الصعيد الدولي، يوفر إعلان الأمم المتحدة بشأن القضاء على العنف ضد المرأة التعريف التالي: يُقصد بمصطلح العنف ضد المرأة أي عمل من أعمال العنف القائم على النوع الاجتماعي، يؤدي أو يُرجح أن يؤدي إلى أذى أو معاناة جسدية أو جنسية أو نفسية للمرأة، بما في ذلك التهديد بمثل هذه الأفعال أو الإكراه أو الحرمان التعسفي من الحرية، سواء تحدث في الحياة العامة أو الخاصة.

اليوم، من أشد أنواع العنف ضد المرأة، والذي لا يمكن رصده بالأدلة كونه عنف غير جسدي، كل ما يشمل الإساءة النفسية والعاطفية، وهي مجموعة من التصرفات والسلوكيات المسيطرة، مثل: السيطرة على الموارد المالية، والعزلة عن العائلة والأصدقاء، والإذلال المستمر، والتهديدات باستخدام الأطفال أو التهديد بالطلاق... كما يشمل الإساءة المالية أو الاقتصادية والسيطرة بالقوة على أموال المرأة تحت مسميات عدة، ومنها: عمليات التستر.. ويمكن أن يشمل أيضًا صرف أموالها، وعدم السماح لها بالمشاركة في أي قرارات مالية أو منعها من الحصول على وظيفة تحت مظلة حجج اجتماعية وأنها ليست بحاجة، أو بتبريرات أخلاقية ودينية خلافية.

اليوم، في الغالب من يمارس تلك التصرفات غير الإنسانية وغير الأخلاقية يعاني من أحد اضطرابات الشخصية، ومثل هذه الاضطرابات لا يمكن كشفها بسهولة، كون الشخص يمارس الذكاء الاجتماعي بخبث وخداع، ويظهر أمام المجتمع بشخصية مختلفة عن شخصيته الحقيقية حتى لو اضطر لاستخدام المؤثرات العقلية لكي يخفي توتره الداخلي وقلقه.. واضطرابات الشخصية ليست مرضاً نفسياً نشطاً تظهر أعراضه السلوكية والفكرية والعاطفية بشكل نشط ويدركه الشخص والآخرون بوضوح، بل خلل في سمات الشخصية وأنماطها تجعل من الشخص يمتلك سمات متطرفة تؤدي إلى عدم التكيف مع نفسه ومع الآخرين وإلى ممارسة سلوكيات عدوانية بدون رحمة أو عاطفة أو إحساس بالمسؤولية الأخلاقية والإنسانية.

اليوم، ما يتميز به أولئك الأشخاص المضطربون من ذكاء قد يكون أعلى من الطبيعي، ولكنه يوظف للتخطيط الخبيث وغير الأخلاقي وباحترافية قانونية سيكوباتية، يصعب على القضاء التعرف عليها وكشفها بسهولة، لذلك نجدهم في قضايا الأحوال الشخصية يفجرون في الخصومة ويجمعون من الأدلة والقرائن التجسسية والتلفيقية، وقد يحلفون الأيمان الغليظة.. فالغاية تبرر الوسيلة بالنسبة لهم، حتى لو تحالف مع الشيطان، فسياسة الأرض المحروقة هي الهدف حتى لو أدى ذلك إلى إنزال الجحيم على الجميع بما فيهم الأطفال.

اليوم، نحتاج إلى تأهيل وتزويد المعنيين بقضايا العنف والأحوال الشخصية وجهات التحقيق ولجان الإصلاح بالمعرفة اللازمة لكشف سلوكيات وأفكار من يعاني من اضطرابات الشخصية الخمسة عشر، والتي على رأسها اضطراب الشخصية النرجسية أو الشكاكة وذات النمط الفصامي والمضادة للمجتمع، وكذلك الشخصية الحدية.. إلخ، من أجل إيقاف الندوب التي يخلفونها في شخصيات ضحاياهم.